P
R
E
V
N
E
X
T

SEHER SHAHThe Expansion of the First Great Ornamental Age: Fragmented Landscape, 2009, archival giclée print, 76.2 × 55.9 cm. Courtesy the artist and Bose Pacia, New York. 

SEHER SHAHThe Concrete Oracles, Portfolio of 8, Archival giclee prints, 13 × 19 inches, 2008. Courtesy of the artist and the Bose Pacia gallery, New York.

آثار العقل

سهر شاه

Pakistan USA
Also available in:  Chinese  English

تبدو رسومات “سهر شاه” باللونين الأبيض والأسود مشيدة كشبكيات ركّب واجهاتها المعمارية ببصمات أنيقة، وبتفاصيل خطية تقابل فراغات سوداء، وبمخزون من صور تتقاطع مع رموز متعددة الثقافات، وعلى الرغم من درجة الإحكام والضبط في أعمال “شاه” إلا أن ثيماتها لا تملك معنى ذهنياً ثابتاً، مما يعطي مساحة من التأويل لحظة تلقي هذه الواجهات والمرجعيات والرموز الغامضة.

وحين تحدثت إلى الفنانة في شهر أيار/ مايو فقد وصفت أعمالها بأنها “لغة في حالة تدفق مستمر”، فهي ترسم على الورق أولاً كل طبقة منها بدقة مستخدمة الغرافيت وألوان الغواش المجسمة، وربما تقضي من شهرين إلى ثلاثة أشهر لإنهاء رسمة واحدة، من دون أن يعني ذلك اقتناعها بنهايتها، وعن ذلك تقول: “أبدأ الرسم وأنا أفكر بالمسرح، حيث يشكل كل رمز كياناً قائماً بذاته، وقد يطرأ على كل جزء من الرسم أكثر من 9 تحويلات وتغييرات، والشكل الجوهري في النهاية هو خلاصة ذلك كله”.

في نهاية تسعينيات القرن الماضي تلقت “شاه” دروساً في الفن والعمارة بمدرسة “رود آيلاند” للتصميم في نيويورك، وذلك قبل أن تلتحق بشركة هندسة معمارية متخصصة ببناء ناطحات السحاب والمشاريع الحضرية واسعة النطاق، و"شاه" التي كانت مشدودة دائماً لما تصفه بــ “الأفكار التي تحيط بفضاء الرسم” دفعتها بدءاً من عام 2006 لعرض أعمالها الخاصة التي تسبر تلك القضايا.

وعلى الرغم من أن “شاه” لم تعد تمارس العمارة بمعناها التقليدي، إلا أنها تشعر ومن خلال الرسم أنها زادت ارتباطاً بتلك الهندسة، وفي آخر معرض شخصي أقامته في صالة “نيتشر مورتي” بدلهي عام 2009 تحت عنوان (ورقة للأثر) استشكفت “العلاقة بين طرفين متباعدين: المعمار الفردي والرسم من جهة، والآثار الحضرية الضخمة في الطبيعة مثل التماثيل والأنصاب والبنايات والأضرحة من جهة أخرى”، فما يُدهش الفنانة التحولات في حجم البناء من الحميم للغاية إلى العمومي الضخم، غير أن ما يثيرها بشكل خاص كيف يفرض الفرد أو الحكومة ذاتيهما وإرادتيهما على الفضاء الخارجي، ويمكننا مشاهدة ذلك الافتتان ممثلاً في بناءاتها الكبيرة الهندسية السوداء، مثل القطعة الضخمة مثلثة الشكل في (ورقة للأثرII) /2009، وحسبما تشرح “شاه” فإن “هناك دائماً نوعاً من العدوان يصاحب هذا النوع من الأعمال، ويمكنني إحساس ذلك لحظة رسم تلك الأشكال الهندسية”، وفي الوقت ذاته فإن علامات هشة تتخلل الكثير من مناظر “شاه” الطبيعية، وحين توضع تلك المناظر إلى جانب الأشكال الهندسية الضخمة فإن التوتر في المشهد يزداد تضخماً.

وهذا لا يعني أن تكوينات “شاه” المعقدة ليست إلا تجاوراً تبسيطياً لعناصر متناقضة، فالحقيقة أن ممارستها الفنية تنحاز إلى ما يعرف بـ"ما بعد التهجين"، حيث تتجاور كيانات وفضاءات مستقلة مع احتفاظ كل منها بهويته الخاصة، وربما اهتمام “شاه” بهذه المقاربة نتج عن خلفيتها الشخصية، فعلى الرغم من أنها ولدت في كراتشي إلا أنها عاشت في كل من لندن وبروكسل قبل أن تستقر الآن في بروكلين بنيويورك، وقد أكدت لي “شاه” أنها لا تتماهى مع بلد واحد بعينه، كما يعنيها أيضاً ألا توضع أعمالها ضمن وجهة نظر أو موقف أحاديّ محدّد.

غالباً تعكس رسومات “شاه” مشهدية وتناظراً، وهي بتجريديتها لا تحيل فقط إلى العمارة؛ بل إلى البشر أيضاً، وفي عمل (نبوءات مجسّدة)/2011 نرى عرضاً عسكرياً يشطر اللوحة يصور السلطة والنظام على خلفية منظر طبيعي طوباوي، وفي عمل آخر مهم اسمه (النجم الأسود)/2007 يظهر الأشخاص أيضاً، ولكن هذه المرة بصورة تشبه طيفاً بشكل أطفال صغار أو بورتريهات ملكية، وهم غالباً مجهولي الهوية، يظهرون وكأنهم متفرجون حالمون يحملون بأيديهم أحياناً رموزاً مثل الصليب أو الهلال، وقد أوضحت الفنانة سياق استخدامها أشكالاً محملة بمعان سياسية ودينية بقولها: “يسيء الناس تأويل شكل الصليب المتناظر، مع أنك لو فضضت شكل المكعب ونظرت إليه بشكل مستقيم لوجدت تلك العناصر الخمسة، وهذا بالنسبة لي طريقة أساسية للتعبير عن التحول من خلال الانزياحات الهندسية”، وباستخدام الفنانة هذه الرموز المفبركة فإنها تعبر عن مفاهيم التحول والانسلاخ والعرضية المأخوذة من الهندسة الإقليدية أو الثقافات الشرقية، إذ نراها تعيد استخدام أشكال الهلال والصليب مثلاً في أعمال متتابعة، واضعة اهتمامها ليس في المعنى الجوهري لهذه الاشكال، إنما في تفاعلها مع المواقف والفضاءات المتغيرة حولها.

في الأعمال الأخيرة تواصل “شاه” استكشافها الفضاء المعماري، مهتمة هذه المرة بالأشياء وبالمنحوتات ثلاثية الأبعاد، أما اهتمامها بعالم النحت الذي بدأ أثناء إقامتها العام الماضي في مركز “هيد لاندز” بكاليفورنيا فإنه يزيد من سبرها ديناميكية التكرار والتسلسل، إضافة إلى ما اكتسبته من مفاهيم من كتاب (هندسة الطبيعة الكسيرية)/1982 لـ “بينويت ماندلبروت”، مثل فكرة الأشكال المبسّطة المختزلة المشتقة من البناءات الطوباويّة والفركتلات< 1 الطبيعية، (والفركتل أو الكسيرية هو كائن هندسي يتصف بالخشونة وعدم الانتظام على كل المقاييس، ولهذا يبدو في جوهره وكأنه مكسور، ويمكن تعريف الفركتلات بأنها صور مقسمة إلى أجزاء، كل منها يبدو مماثلاً للأصل، وتحتوي الفركتلات في طياتها معنى اللانهاية).

ومن الأطر التقليدية للفضاء المعماري تنقل “شاه” فهمنا إلى فضاءات أرحب، متوسّطة حقولاً معرفية شتى، وموحّدة بين خصائص لا تلتقي عادة، وسواء كانت تحيل إلى المخلوقات الطبيعية أو إلى ما صنعه الإنسان؛ فإنها تذكّرنا دائماً بأن هذه التشييدات تشكل غالباً حلقة وصل بين الماضي كما ينقله إلينا المؤرخون والمستقبل المتخيّل، وحسب “شاه” فإن الذاكرة سواء كانت شخصية أو تاريخية فإنها ليست جامدة أو محسومة، وهذه النظرة الحدسية غير القاطعة للظواهر تساعد الفنانة على إزالة الفواصل التقليدية بين وجهات النظر والعلاقات بين الأشياء في أعمالها.

Fractals 1

Ads
4A Centre for Contemporary Asian Art Massimo de Carlo David Zwirner E-flux